
في عالم الإعلام الرياضي، حيث تتجاوز المنافسة مجرد نقل الأخبار لتصبح وسيلة تحفيز وإلهام، يشكل الإعلامي محمد سعدون الكواري نموذجًا فريدًا يدمج بين الاحترافية والتأثير الإيجابي. بدأت رحلته كرياضي محترف في عالم التنس، قبل أن يجد شغفه الحقيقي في الإعلام، ليصبح واحدًا من أبرز الشخصيات في هذا المجال. من استوديوهات «بي إن سبورتس» إلى ريادة الأعمال في رياضة البادل، مر الكواري بمحطات مميزة صنعت منه شخصية ملهمة لعشاق الرياضة والإعلام على حد سواء.
بدأ الكواري حياته المهنية كلاعب تنس محترف، حيث قضى سنوات في ممارسة اللعبة على مستوى احترافي، قبل أن يقرر التحول إلى الإعلام بسبب ظروف شخصية ومهنية. في حديثه، أوضح أن قراره بالانتقال إلى الإعلام كان مدفوعًا برغبته في تحقيق استقرار وظيفي، إلا أن هذا المجال فتح أمامه آفاقًا جديدة وأتاح له الشهرة التي لم يكن يتوقعها.
تجربة الكواري كرياضي محترف أثرت بشكل كبير على عمله كإعلامي. أكد أن خلفيته الرياضية أكسبته مهارات شخصية مثل احترام المواعيد ومواجهة الجماهير، ما جعله يتأقلم بسهولة أمام الكاميرات. بالإضافة إلى ذلك، وفرت له مسيرته الرياضية فهمًا عميقًا للرياضة العالمية، وساعدته على التواصل بفعالية مع مشاهديه.
واجه الكواري العديد من التحديات في مسيرته الإعلامية، من بينها موقف صعب خلال تقديمه مباراة نهائي كأس الأمير الكويتي، حيث اضطر إلى التعامل مع خبر وفاة ولي العهد الكويتي على الهواء مباشرة. أثبتت تلك اللحظة قوة تحمله وقدرته على إدارة المواقف العصيبة بمرونة واحترافية.
وعن تأثير قناة «بي إن سبورتس» على الإعلام الرياضي، أشار الكواري إلى أن القناة أحدثت نقلة نوعية في تقديم المحتوى الرياضي باللغة العربية، مما جعلها وجهة مفضلة للملايين من عشاق الرياضة حول العالم. امتلاكها حقوق بث البطولات الكبرى عزز مكانتها، بينما ساهمت في تقديم نماذج رياضية عربية مشرفة للمجتمع.
يرى الكواري أن الإعلام الرياضي له دور أساسي في تشكيل وعي الجماهير الرياضية، لا سيما في نشر رسائل إيجابية مثل نبذ التعصب ودعم المنافسة بروح رياضية. وأكد على مسؤولية الإعلاميين في تقديم محتوى يرفع مستوى وعي الجمهور،ويكمل السيد محمد الكواري لقاءه قائلاً كجزء من دوره كسفير للجنة العليا للمشاريع والإرث، لعب الكواري دورًا حيويًا في الترويج لكأس العالم قطر 2022. من خلال مبادرات مثل «Challenge 22» وبرامج المتطوعين، ساهم في تعزيز مشاركة الشباب العربي في هذا الحدث العالمي، مما أثبت أن كأس العالم كان للعالم العربي بقدر ما كان للعالم أجمع.
وفي سياق ريادة الأعمال، أسس الكواري نادي «بادل إن» لنشر رياضة البادل في قطر. يصف اهتمامه بالرياضة بأنها جاءت بالصدفة، لكنه وجد فيها شغفًا جديدًا، ونجح في تحقيق ميداليات دولية لقطر. كما يركز الكواري على نشر الوعي بهذه الرياضة في المنطقة العربية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ومنصات أخرى.
تحدث الكواري عن التحديات التي واجهها عند تأسيس ناديه، مثل الإجراءات القانونية ومنافسة رواد الأعمال الآخرين. ومع ذلك، تمكن من التغلب عليها من خلال التزامه وتعاونه مع الجهات المختلفة، مما ساعد في انتشار رياضة البادل بشكل ملحوظ في المنطقة.
التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي هما من وجهة نظره أدوات ستساهم في تحسين جودة الإعلام الرياضي. يرى أن التكنولوجيا يمكن أن تدعم الإعلاميين في إعداد المحتوى بدقة وسرعة، مما يتيح تقديم رسائل إعلامية أكثر تميزًا للمشاهدين.
وفي مسيرته الطويلة، واجه الكواري نقدًا دفعه لتطوير نفسه، حيث ذكر أنه في بداياته قيل له إنه غير مناسب للإعلام. استجاب لهذا النقد من خلال التدريب المستمر، مما ساهم في بناء مهاراته وتحقيق النجاح الذي وصل إليه اليوم.
التوازن بين حياته المهنية والشخصية يمثل تحديًا للكواري، لكنه أكد أن دعم أسرته، وخاصةً زوجته، ساعده في الحفاظ على استقراره العائلي. يسعى دائمًا إلى قضاء الوقت مع عائلته لتعويض ساعات العمل الطويلة، ويدمج أفراد أسرته أحيانًا في رحلاته العملية.
للاسترخاء، يفضل الكواري ممارسة الرياضة، خاصةً البادل وكرة القدم، إلى جانب حفظ القرآن الكريم. يصف حياته بأنها مزيج من النشاط والعمل، مما يجعله قادرًا على التعامل مع ضغوط العمل والاستمتاع بحياته.
من خلال رحلته المميزة، استطاع محمد سعدون الكواري أن يترك بصمة بارزة في عالم الإعلام الرياضي. شغفه بالرياضة، ورؤيته المستقبلية للإعلام، والتزامه بنقل رسائل إيجابية للجمهور، جعله مصدر إلهام للكثيرين. مسيرته، التي تجمع بين الرياضة والإعلام وريادة الأعمال، تثبت أن الإصرار والعمل الجاد هما المفتاح لتحقيق النجاح.
في ختام هذا اللقاء، تبقى رسالة الكواري واضحة: أن الرياضة ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل أداة لتغيير الحياة وبناء المجتمعات، وأن الإعلام هو الجسر الذي يربط بين الجمهور والأبطال الذين يلهمون العالم.